26 يناير 2012

مئوية المذرذره : انطباعات على الهامش...( الحلقة الثانية )

مدرسة المذرذره ( صورة من الأرشيف الوطني ).


كانت السهرة الفنية التي أنعشتها فرق أهل الميداح في منتهى الروعة و منتهى المعاصرة و الأصالة.. لقد انطلت خدعة ( بلاي باك ) على الجمهور تحت تأثيراللمسات الإخراجية الساحرة للعازف امبك ولد الميداح و القيادة المعقلنة من الفنان المخضرم محمد سالم ولد الميداح... و كانت الحركات على الإيقاع التي قادها الثلاثي كمبان و تكيبر و صباح تذكرك بالمذرذه في السبعينات..
عندما تسمع المرحوم الكوميدي محمد ولد إعلي وركان في منزله ( الذي صار في ما بعد موطنا لجديان أهل يركيت.... ) يراقص بناته عند الظهيرة على أغنية ( ألا كر باب سلا ) التي كانت من الرقصات الشبابية المفضلة في تلك الفترة... تتذكر هنا تكيبر في سن السادسة من عمرها, على وجه التقريب, و قد ارتدت ثيابا صبيانية و هي تردد مع خالتها لبابه نشيد الأوقية.. من كلمات المرحوم المختار ولد حامدن..." يا عملتي ياعملتي.. يا ذهبي يا فضتي و يا شفاء علتي.... يا من تسمى الأوقية..... بك ضربنا المثلا  و بك كنا أولا فنحن أبناء جلا    يوم طبعنا الأوقية......"
كانت فرقة النشيد من فصلنا بقيادة لبابه و لم أكن ضمن الفرقة نظرا لخشونة صوتي و رداءته مع أنني أسير مع الإيقاع كما ينبغي و أسير وسط المعمعة... و لكنني أخجل عندما يسكت جاري على الطاولة محمد ولد أحمد ولد شداد ليسمع صوتي و يضحك منه ... رغم أنني كنت أحسن صوتا منه بكثير... كان من أحسننا صوتا زميلي أحمد ولد ابراهيم اخليل... و لكنه يغضب الآن من ذلك الصوت الشجي عندما أذكره به....
كان البو صال و محمد محمود ولد أنمراي  يستعدان للصعود على الخشبة عندما يطلب معلمنا( سيلا هالي ) منا أن نغني نشيد ( البحار الصغير) أو نشيد ( حلم العبد المغترب ) كان هذان النشيدان باللغة الفرنسية, و يحملان مسحة حزينة تناسبها رقة صوت لعمر ولد إباه و لكنه كان يمتنع عن الأداء بمفرده إلا إذا رافقه البو ولد أحمد الذي كان على نهج لبابه بنت الميداح.. كانت كلما ضربها المرحوم بباه ولد إميه لا يمنعها ذلك من أداء النشيد بصوت عذب جميل.. أما البو فقد كان من زبناء العصا الكبيرة التي يمسكها سيلا بيسراه عند الصباح.. و لم يكن ذلك يمنعه من مرافقة ابن خاله لعمر في النشيد باللغة الفرنسية....
لقد كدت أنسى هنا مجموعة انيفرار من أمثال صديقي اتاه ولد اليدالي و أحمدو ولد اشاه و صالح ولد بيباه و إمين ولد حامد.... لقد كان إمين هذا متفوقا في كل المواد: في الحساب في النحو الفرنسي في اللغة العربية و في .... خشونة الصوت و ...  كتمه....
غرقت في هذه الذكريات وأنا أستمع للفنانة لبابه مع بنتيها في نشيد من كلماتها.. تذكرتها تجثو على الركب بصحبة لم منت أحمد و إغلانه منت الولي ولد صلاحي... أمام ذلك المعلم الذي ذلت له رقاب عتاة تلاميذ مدرسة المذرذره... محمد ولد بوهم.. لقد ترك بصماته على كل شيء في حياتنا التعليمية... نبرته المتميزة.. خطه الجميل... طريقته الزجرية و حبه لكرتي القدم و الكرة الطائرة...
بعد نهاية الحفل كنت أسير في طريق مليء بالذكريات... لقد تذكرت عدة مرات والدي, رحمه الله, و هو يأخذ بيدي, مرة ليذهب بي إلى المرحوم سيدي نيانغ لإجراء عملية جراحية تتناسب مع سني في ذلك الوقت... و بعد سنوات من ذلك و قد تجاوزت العاشرة من عمري و هو يحضرني معه إلى صديقيه المرحوم عبد الله ولد اموه و أحمد سالم ولد اداهي ليقنعهما أني لست متأثرا بالحركة الكدحية التي كانت على أشدها في تلك الفترة, خاصة في قريتنا (تكرمن) التي ينحدر منها المناضل الكبير محمدن ولد إشدو و محمد المختار ولد السعد و محمدو ولد إمين الذي كان يعرف في تلك الفترة بلقب الفأر, نظرا لحداثة سنه و ذكائه....
مدينة يحدثك كل شارع فيها عن قصة متكاملة من قصص الطفولة أو المراهقة أو الشباب...  لقد تغير الزمان و المكان و..." عدت آن مان زاد سيد محمد ذاك..." كما قال الأديب الكبير ولد الكصري, رحمه الله..    

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

بارك الله في عمرك وأسدل عليك رداء الصحة والعافية؟
لقد أبدعت كما تعودنا منك لاكن نرجو في الحلقة الثالثة أن تعرج قليلا عن الأدب الحساني وذكراه التي لاشك وجدت في مئوية المذرذرة ذكريات أو شخصيلت يذكرونك به؟؟وبمدارسه؟وأساتذته؟
والرابعة شقه الثاني العربي التي لاشك سيكون كذالك يا أستاذي الجلل

_من تلميذكم(..هـ)