7 يناير 2012

مرايا قاتمة: في العلاقات الموريتانية القطرية:

يحكى في هذه الربوع من بلاد الفترة عن أحد المجندين و كان يسمى إعلي أنه حصل على إجازته السنوية من جيش الاستعمار. فأخذ جملا من هذه الإبل المعروفة في تلك الفترة بأنها من النجائب و تسمى (أمينك), و هي فصيلة تضاهي بنات الجديل المعروفة عند قدامى العرب, و وضع عليها رحلا راقيا من طراز ما يعرف ب(لعبيديات), و هي كذلك تضاهي العلافيات, و وضع فوق الرحل قطعا من الجلد, مما يضاهي النمارق التي كانت تستعمل في الجزيرة العربية... و ارتدى ثوبين أحدهما من القماش المعروف ب(ابلمان), نيليا براقا, و الآخر أبيض ناصع البياض, و وضع على رأسه لثاما من القماش النيلي المعروف ب(الميلس) و علق بندقية من عيار 36 ... و توجه صوب الغرب, حيث مناطق (إزبار) و (آفطوط).... هنا وكر من أوكار اللهو عند إعلي.. و لكنه محل يطرقه الشاعر الحساني المشهور امحمد ولد هدار...
نزل الضيف في الحي ضحى و كان في استقباله رئيس الحي محاطا بأعضاء الحكومة و الشخصيات الرسمية و أعضاء السلك الديبلوماسي المعتمد في الحي, كانت النساء تسألنه بين الفينة و الأخرى هل بإمكانه أن يعطيهن خرقة من لثامه لتتخذها قناعا... كان القناع في تلك الفترة خاصا بالنساء, لم يكن القناع الخليجي معروفا في البلاد.... كان أحدهم يسأل المجند بين الفينة و الأخرى هل لديه من التبغ فيجيب السائل على الفور.... مشكل تبغي أنه جيد و جاف!
يأخذ إعلي  الزناد و الحجر فيقدح مرة واحدة فيتطاير الشرر من الحجر, فيقول بكل اعتزاز: نكشة واحدة.. فيعجب الجمع من ذلك... و يحرك إعلي لمته التي بدأت تطول بعد ذهابه عن الجيش, يحركها يمنة و يسرة... فيعجب الجمع من ذلك... يفتح إعلى الميثرة الجلدية(التاسفره) فيخرج السكر الوهراني و الشاي الطنجي... فيعجب الجمع من ذلك...
بعد زيارة ودية دامت يومين ضل جمل الضيف و أصيب زناده بالكهامة و قصر اللثام.....
خرج المجند إلى المطار بحثا عن جمله الذي أضله.. و لم يكن له من مرافق و لا من مودع.... بحث عن الجمل فلم يجده.. و عاد عند المساء و أخذ في معالجة ثقابه.. فكبا زناده... حاول عدة مرات..
عند ذلك قال له الشاعر امحمد بن هدار سأمازحك بقافية, فقال له إعلي:
هيا قل قافيتك, فقال امحمد:
إعلي تثكاب يلجواد      كان ألا ينكش نكشة
واحدة غير اكثر عاد     من نكشة واحدة.
لم يرد إعلي على الفور بل انتظر حتى يعود إلى بلاده.. و هو مقتنع أن هذه إهانة كبيرة.... خرج في اليوم الثاني بحثا عن جمله.. فلم يجده.. فعاد إلى الحي, لم يعزف له النشيد الوطني.. و لم تزغرد النساء.
جلس جانبا و قال أين شاعر الأمس لكي أجيبه.. فجاء ولد هدار, و كان ذكر له قبل ذلك أن إعلي كان يجلس في العراء و هو يتمتم و ينقط... 
جاء ابن هدار, و جلس جانبا .. فقال له إعلي:" إسمع.... آن تثكاب كان ؤعاد
                                                             و انتثكاب عاد ؤكان
                                                             ألا نكشة واحدة
                                                              و ال ماه نكشة واحدة...
ضحك الجمع.. و خرج إعلي من الخيمة مغضبا و سار إلى المطار حافي القدمين و هو يصب لعناته على نظيره الذي كان في استقباله.... و لم يكن في وداعه...
                                                                                                                                               شفيق البدوي.





هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

merci merci merci chefik elbedawi