28 يونيو 2016

" لا زالت كأبيها حامية..." كلامٌ على كلام....

عبارة اختتم بها الأديب أحمدو ولد أبنو تعليقه على موضوع ( ذكريات عمتي....)... و لعله لم يتسنَ لبعض القراء فهم هذه العبارة التي هي في التعليق... فقد قصد بها أحمدو تلميحا إلى مكان عملي و هو قرية بوحديده.... و ذلك ما كنَى عنه ب(أبيها)... أي أبي حديدة... الذي هو تعريب بوحديده.... أما عبارة ( حامية) ... فنترك للقارئ الكريم تأويلها....
و كان هذا النوع من الإلغاز مطروقا في فن الترسَل عند الأدباء... فمنه رسالة العلامة لمجيدري ولد حبلله لابن خالته... و كان أرسل له سلهاما و لخالته, أي والدة لمجيدري,  زربية... و لم يكنْ لمجيدري يأمن حامل الرسالة عليها... فكتب:" سلام.. بإضافة لام ماء إلى لامه.. و أحد خبر كأن في قول الشاعر...
ترديتَ من أثواب نور ... إلخ... فالأول لك و الثاني لخالتك.... و السلام.."
ففهم ابن الخالة أنه أرسل له سلهاما.. لأنه إذا أضفنا لام ماء التي هي في الأصل من مادة (موه) في القاموس إلى لام سلام... تكون ( سلهام)... و هذا مشهور عند أهل الصرف... كما يشتهر عند أهل الأدب بيت الشاعر الذي يقول فيه:
ترديت من أثواب نور كأنها            زرابي و انهلت عليك الرواعدُ
و خبر كأن هنا هو زرابي, و إحداها زريية... فعُلِم ذلك بداهة من الرسالة...
و في هذا الباب,كذلك, رسالة تلميذ العلامة محمذ فال ولد متالي.. فقد كان التلميذ يعمل في السنغال.. و معه أحد أبناء عمومته... فأراد ابن العم أن يذهب إلى الحي... في البادية ( إذراع).. و أسر للتلميذ أنه سيخطب إلى لمرابط محمذ فال بنته... و ذلك كان عزم التلميذ.. فما كان منه إلا أن أعطاه رسالة للمرابط كتب فيها:
" أما بعدُ فإني أطلب منك أن تنسئ لي ما أبى سميُ منبوذ العراء إلحاقه بمذكره في باب الإضافة عند سيبويه إلى أدنى أجلي كليم الله عند مكذَب الأيكة.. و السلام..."
و عندما وصل الشاب إلى الحي ذهب إلى لمرابط للسلام عليه و أعطاه الرسالة...و بعد أيام... أرسل يخطب البنت.. فقال لمرابط لرُسُل الشاب.. لا يمكن لفلان أن يطلبَ مني ذلك و هو من حمل إليَ رسالة خِطبة من ابن عمه... و قد عملتُ بما فيها.. فالبنتُ (غيرُ راكنة لفاسق).. و لذلك لا تجوز خِطبتها...
و بدأ يؤول رسالة التلميذ.. ف( النسء) هو التأخير و منه ربا النسيئة... و منبوذ العراء هو نبي الله يونس عليه السلام, و سميُه هو يونس النحوي البصري...و كان يونس لا يوافق سيبويه في إلحاق نسبة " بنت" ب "ابن" و كانوا يسمون النسبة بالإضافة... فعندما ما ننسب لابن نقول ( ابنوي) و عندما ننسبُ لبنت نقول (ابنتوي) عند سيبويه و (ابنتي) عند يونس...
ثم ضرب أجلا لذلك.. فقال إلى ادنى أجلي كليم الله... أي موسى عليه السلام.. عند مكذَب الأيكة... و هو شُعيب عليه السلام.. فقد طلب شعيب من موسى أن يرعى له غنمه ثماني حجج.. و ذلك أدنى الأجلين.. و إن أتم عشرا ( فمن عنده).. و ذلك أقصى الأجلين...
و قد أخذ من كلام شعيب و فعل موسى أنه لا حدَ لأعلى المهر..كما أخذ منه إباحة النظر إلى وجه و كفي المخطوبة بدلالة قوله تعالى:" ... إحدى ابنتيَ هاتين..". و الإشارة هنا للقريب...
 و يكثر هذا النوع من التورية في كلام أهل المنطقة...
و للتذكير.. فقد كنتُ من أطلق لقب ( الأبنوي) على ولد أبنو استئناسا بهذه القصة..
ففي أرجوزة لي أخاطبه بها أقول:
الأبنوي  نظمه     يستحسن           لأن قصد الجنس فيه بين 
و قد يجيء بخلاف الأصل          وقد يجي المفعول قبل الفعل....
من ضمن أراجيز بيننا.. ربما خصصنا له تدوينة لاحقة.... بحول الله...
                                              

                              

هناك تعليق واحد:

عبدالله محمدسالم يقول...

حياكم الله الف تحية على المواضيع التي تتطرقون لها ولدي اقتراح ان يكون هناك في الموقع جانب تعليمي مثلا اعلان عن من يبحث عن مقدم دروس اومساعد في بحث ما او تحرير ....