أرسى اليابانيون فن المصارعة المعروف بالكاراتيه إبان
إحدى الحروب باعتبارها سلاحا للدفاع عن النفس لدى العزل... و سموها ( كاراتيه) أي
لعبة الأيادي الخاوية.. و وضعوا قواعد و نظما لمتعلميها المعروفين عندهم ب(
الساموراي).
يدخل الساموراي
ساحة التدريب و هو يرتدي (الكيمونو)... و يتمنطق بالحزام الأبيض.... و بعد إتقانه
المصطلح الفني في اللعبة يسدى له الحزام الأصفر.. و يستمر به حتى يسيطر على فنون
الدفاع عن النفس مما يعرف بتقنيات (الكاتا) الأولي فيسدى له الحزام البرتقالي.. ثم
الحزام.... الأخضر فالأزرق فالبنفسجي فالحزام الأسود.. و يتدرج من هنا في ما سيمى
بدرجات الحزام الأسود حتى الدرجة العاشرة....
بعد ذلك يتحول الساموراي إلى نوع من التربية الجسدية
تجعله بدرجة الصوفي الذي اكتملت تربيته.. فإذا كان الصوفي قد قتل في نفسه أمراض
القلوب و ترقى في الدرجات العليا فإن المصارع, هو الآخر, قد قتل مواطن الإثارة
العضلية, على الأقل في جسمه.. و صار لا يغضب...
قد يخلع المصارع عند ذلك بذلة الكاراتيه و... يصبح (مدنيا).. و يتنكر لكل الانضباطات التي كان
قد تعلمها..
الشرط الأساسي في تلك الممارسة هي أن يصل المصارع إلى
تلك الدرجة التي توازي في ميكانيكا السيارات درجة جنرال من الجيش...
لكن.. المفارقة الغريبة هي أن (بعضهم) يريد الوصول لتلك
الدرجة من خلال ال(حزام الأخضر).. فهو مناسبة للحديث عن السياسات العامة للحكومة و
عن الصرف الصحي و عن أخطاء الأحكام المتتالية في البلاد منذ عهد الديناصورات و
العصر الحجري و الشعوب البدائية و الرومان و الوندال و الهنود الحمر و الغجر و الأسكيمو
و التوتسي... فيتحدث عن نفسه جاعلا منها ال(دلاي لاما) في إقليم ( التبت)... أو
المهاتما غاندي في بومباي أو ستالين بعيد الثورة البلشفية أو كيم إيل سونغ هاي في
عهد حرب العصابات ضد اليابان أو انكوامي نيكروما في حركة عدم الانحياز أو عبد
الناصر أيام العدوان الثلاثي و تأميم قناة السويس و بناء السد العالي... أو معمر
القذافي عند بناء النهر الاصطناعي أو صدام حسين عند تطوير صاروخ الحسين و قصف تل
آبيب... باختصار: يجعل من نفسه لوحة متميزة في سجل الخالدين... و يتناسى أنه هنالك
ما يعرف بأخطاء الحكام التي لن تنساها ذاكرة التاريخ القوية.. و أن بلدنا صارت له
ذاكرة!
حزام(نا) ما زال بدرجة الأخضر.. و طاولة التقدمات في
الانضباطات( المماثلة) لا تقبل خرق اللعبة.. و مع ذلك فنحن في دولة افلاطون التي
أسسناها عندما تخلينا عن الكيمونو و.... البزة العسكرية.. و أسسنا ( المدينة
الفاضلة) التي يهددها كل شيء حتى... مياه المستنقعات!
شفيق
البدوي..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق