بات من شبه المؤكد أن يوم التاسع من الشهر الجاري سيكون
يوما مصيريا في قرار الرئيس أوباما حول توجيه ضربة لنظام بشار الأسد... إذ أنه
سيقوم يومها باستشارة مجلس الشيوخ الآمريكي الذي تعتبر استشارته من الآليات
الدستورية التي ينبغي للرئيس الآمريكي القيام بها قبل قرار إعلان الحرب... فهو, أي
الرئيس الآمريكي, يخوله القانون صلاحية إعلان الحرب بعد استشارة هذه الهيئة.. بيد
أنه يتمتع بصلاحية القرار بصفة كاملة...
و إذا ألقينا نظرة على المستوى الميداني لاحظنا أن كل المعطيات
تسوغ عملا عسكريا ستقوم به آمريكا في المنطقة... و إن لاختبار القوة..... الروسية
فقط...
فقد أصبحت ذريعة الأسلحة الكيمياوية التي لفقها الغرب من
أجل التدخل ضد نظام الأسد شبه كافية.. إذ أكد المفتشون أخذ عينات من الأرضية التي
سقط عليها القتلى و الجرحى, ضحايا نظام بشار الأسد..و عادوا إلى المخابر لتحليها و
إصدار حكمهم بشأنها..
فلم تجد أطروحة استعمال الجيش الحر لهذا السلاح التي
تحدث عنها بعض المحللين الاستراتيجيين.. و قالوا إن هذا السلاح قد استعمله الثوار
انطلاقا من مناطق على الحدود التركية_ السورية.. و لا أطروحة دعوة الوزير الزعبي
إلى إرسال مفتشين محايدين.. فقد تغاضى أوباما عن كل ذلك.. كما ألقى عرض الحائط
بقرار مجلس الأمن تهربا من الفيتو الروسي أو الصيني..
و يبقى السؤال الذي يفرض نفسه هو: لماذا يقوم باراك
أوباما بهذا الإجراء و بهذه الطريقة؟
إن الإجابة على هذا السؤال تبقى متشعبة و شائكة, حيث
ينبغي لها أن تأخذ في الاعتبار عدة قضايا.. منها:
1 _ صناعة السلاح في الولايات الخمسين المتحدة التي
يسيطر على مجال صناعة الطيران العسكري, منها, القطاع الخاص دون غيره.. و التي تدر
على الاقتصاد الآمريكي ما يزيد على 1,5 تريليون من الدولار.. ناهيك عما توفره من
فرص العمل في البلاد..
و من المعلوم أن البطالة في الولايات المتحدة قد وصلت في
مأمورية أوباما الأولى إلى أكثر من 8 %.. و هو أعلى معدل تصله البطالة في آمريكا
منذ حوالي قرن مضى..
2 _ أن الأزمة العقارية التي تحدث عنها الاقتصاد
الآمريكي في العقد الأول من القرن ال 21 في عهد كلينتون.. لم تكن أزمة عقارية بقدر
ما كانت أزمة في مبيعات الأسلحة.. و قضية إفراج أوباما عن المساعدة العسكرية لمصر
بعيد انتخاب مرشح الإخوان مرسي خير دليل على ذلك.. فقد أفرج الرئيس ذو الأصل
الإفريقي يومها عما قدرت قيمته ب 1,3 مليار دولار من الأسلحة المتطورة لنظام ربما
يختشى عليه من تهديد الأمن في منطقة الشرق الأوسط.. و بعبارة أخرى, ربما يهدد
الأمن الإسرائيلي..
لقد كان أوباما مرغما على ذلك.. و إلا كلف الاقتصاد
الآمريكي غرامة 2 مليار دولار في حالة حجز هذه المساعدة وفق الاتفاقات بين
الدولتين..
3 _ أن الوجود العسكري ل(حزب الله) إلى جانب نظام بشار
الأسد يعتبر تكريسا لما تخشاه آمريكا و هو المد الشيعي الإيراني.. و خير برهان على
ذلك هو موقف النظام العراقي الرافض للحرب على نظام الأسد...
فمن المعلوم أن أي هجوم على سوريا في الوقت الراهن يعتبر
إعلان حرب على إيران.. و على الأنظمة ذات التوجه الشيعي...
و لنا هنا أن نستأنس بتصريح أيمن الظواهري الذي أعلن منذ
سنتين أن حرب القاعدة لم تعد موجهة ضد الولايات المتحدة و إنما هي موجهة بالأساس,
حسب القيادي في تنظيم القاعدة, ضد فرنسا و المملكة المتحدة..
و من هنا نستشف الموقف الآمريكي من الأنظمة المناهضة
للشيعة, خاصة الأنظمة ذات التوجه الأصولي التي هي عدو الأمس و صديق اليوم للنظام
الآمريكي..
فلنا هنا أن نتبين من خلال ما سلف أن الحرب على النظام
السوري الذي يقوده بشار سيكون محفوفا بمخاطر كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة و... إسرائيل خاصة.. و مع ذلك فإن الرئيس الآمريكي
يتغاضى عن تلك المخاوف و الشكوك.. و يراهن
على هذه الضربة التي ستقودها آمريكا و حليفاتها ضد نظام الأسد.. لحاجة في نفسه
منها مبيعات الأسلحة و الحد من البطالة...
و من المفارقات الغريبة أن إبريطانيا التي يتحمس رئيسس
وزرائها ديفيد كامرون لهذا العمل العسكري تعتبر هي الممون الوحيد للنظام السوري
بما بات يعرف بالأسلحة الكيماوية!
فالحرب على سوريا من خلال ذلك تعتبر واقعة و ليست
متوقعة.. و لكن...." قد نعرف متى نبدأ الحرب و لكن لا نعرف متى....
ننهيها"
سيدي
محمد متالي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق