صورة من الفيس بوك. |
كان الأولاد يهتفون بملء حناجرهم ( إرحل.. إرحل.... إلى غرفة.. النوم.. ).. لقد تفهمت الأمر جيدا, فشرطة مكافحة الشغب.. أو (مكافحة الشعب..) ليست في المنزل.. هل تعرفون تلك القوة الضاربة على يد الأبناء؟؟ تلك القوة التي تمتلك مسيلات دموع من صنع محلي... إنها زوجتي... زوجتي التي تعرف كل الملفات الخاصة بهذه الانتفاضة الشعبية و لكنها تارة تتمالأ معها, خاصة عندما يتعلق الأمر باستفتاء بين ( مارتشو ) و (الحصاد المغاربي) عند الساعة التاسعة و النصف ليلا..
عندما دخلت حظيرة البقر وجدت إحدى البقرات ( السجينات) في إضراب عن الطعام و الشراب!... لقد عرفت في ما بعد أنها تحتج على نوعية العلف الذي صرت أقدمها لها.. لقد خشيت أن تصورها إحدى القنوات التلفزيونية الحرة و تتحدث عنها أنها دخلت موسوعة غينز للأرقام القياسية.. إنها أول بقرة تمتنع عن الأكل و الشرب لمدة يومين كاملين.. مظهر آخر من الاحتجاج... البيطري يقول إن البقرة لها الحق في ما فعلت! لا شك أنها لن تطالبني بالرحيل لأنها كفرس عنترة... ( لو كان يعرف ما المحاورة اشتكى و لكان لو علم الكلام مكلم( ا صاحبه).....
في الصباح الباكر دخلت سيارتي من أجل زيارة صباحية أقوم بها إلى المخبزة... احتجاج جديد... السيارة لا تستجيب.. كانت مجموعة من أطفال الشارع تتسكع أمام المنزل طلبت منهم دفع السيارة.. و فجأة بدأت انتفاضة شعبية عارمة.. كان منهم من يدفع من الخلف و منهم من يدفع من الجانب الأيسر و.... من الجانب الأيمن.. و كان منهم من (يدفع) فقط.... أمامها! استيقظ الجيران مزعجين... قال لي بعضهم إنه ظن أن اعتصام المعارضة قد بدأ بالفعل... و قال لي إمام المسجد الذي كان جالسا في انتظار صلاة الإشراق: " لقد ظننت أن بيرام قد أشعل رياض الصالحين للإمام النووي!..."
دار المحرك.. و لكن الأطفال تجمهروا أمام السيارة مطالبين بتسديد خمس دقائق من الراتب... لقد تذكرت هنا عمال الحالة المدنية الذين يطالبون بتسديد أربعة أشهر من الراتب و بزيادة الأجور....
أخرجت من جيبي مبلغا هاما و تقدمت به بصفة دبلوماسية إلى أسن الأطفال.. فاختطفه من يدي و هرب.. و بدأت قافلة الأطفال تجري خلفه... سقطت علب الطماطم الفارغة و نعال ( الريه) ... جرى الطفل ... و بقي زملاؤه خلفه... احتجاج آخر...
عندما رجعت خالي الوطاب من عند المخبزة كان طفلي الذي يستعد للذهاب إلى حديقة الأطفال يحتج... لقد كان عقد العمل بيني معه يقتضي تسديد 200 أوقية مقابل ذهابه إلى الحديقة.. قال إنه لن يذهب اليوم.. و هاجمني بطريقته الخاصة قائلا: " لست أبي.." احتجاج قوي.. عندما يقول لك الصغير إنك لست أباه فمعنى ذلك أنه يندد و يشجب و يستنكر.... و لم يبق له إلا أن يستدعي سفيره في .... العاصمة..
علي هنا أن أتصرف.. أتصل على ناظر الحديقة لأتعلل بمرض الطفل اليوم.. لكن.. احتجاج من نوع جديد! ( إن رصيد حسابك ليس كافيا...), كم أكره هذه الجملة التقريرية ذات الأسلوب لازم الفائدة.. و مع ذلك فلا فائدة فيها..
أقبل كل هذه الاحتجاجات ما دامت أم الطفل لم....... تحتج...
شفيق البدوي.
هناك تعليق واحد:
الكَوم عندي عنهم اكَرون أكباش!
إرسال تعليق