16 أبريل 2016

المأمورية الثالثة و اغتصاب القاصرات....!


قد يكون في العطف نشاز.. و قد يكون الانسجام أحيانا..
هذا ما تتحدث عنه العناوين الإخبارية في صفحات جل المواقع الوطنية التي دأبت على ( القطع و الإلصاق) إلا من رحم ربك..
فإنك لتصاب بالملل و الإحباط عندما تطالع هذه المواقع و أنت متعطش إلى معرفة ما يحدث في هذا البلد.. فإذا أنت أمام عناوين من هذا القبيل.. ففلان يدعو إلى تغيير الدستور و منح الرئيس مـأمورية ثالثة و علان يرى ذلك اغتصابا للدستور و حيفا لا نظير له و مساسا بالمقدسات... و (رجل دين) اغتصب قاصرا...!  أي رجل دين هذا؟ و أي دين ذلك الذي تكون صورته مشوهة إلى هذا الحد..

فكثيرا ما تحدثوا بعبارة كهذه و كثيرا ما قالوا ( إمام مسجد) يغتصب....
هل هي حملة تسميم ضد رجالات الدين عندنا؟! و هل يدرك صحفيونا خطورة الموقف عندما يلصقون فُعلة في هذا المستوى من الانحطاط برجال الدين؟
علينا أن نتحرى في نشر عناوين كهذه.. علينا أن نعرف الغث من السمين في نقل الخبر.. فقد ندرك أن من نتحدث عنه, في  النهاية ليس رجل دين.. أو أن التهمة لا محل لها في الأصل..
ينبغي ألا ندين المتهم حتى تتم إدانته.. فنحن لسنا هيئة قضائية.. و هنالك بون شاسع بين نقل الخبر و تحليل الخبر..
فرق كبير بين أن نقول إن فلانا اتهم بجنحة أو جريمة و بين أن نقول إنه هو من قام بتلك الجريمة... فجهة الاختصاص وحدها هي المخولة للنطق بالحكم بعد التحقيق و التكييف و الاتهام و .... الإدانة...
الرأي العام.. الذي نريد أن نصنعه هو من سيحكم على أن المطالب بتغيير الدستور هو المعتدي على ثوابت الأمة أو هو السابح ضد تيار دولة المؤسسات.. لا نحن..
آن لصحافتنا.. التي لم تعد ناشئة.. أن تفرق بين جهات الاختصاص و أن تعرف أن عهد صحافة الإثارة قد ولى.. و أن قراءنا الكرام يميزون بين الغث و السمين في نقل الخبر..
فنحن بلاد المليون شاعر و المليون كاتب و المليار صحفي و عشرات القراء فقط..
العملة النادرة لدينا هم القراء.. فلا ينبغي أن نجعلهم يضربون صفحا عنا بما نتخم به صفحات مواقعنا من الأخبار التي ينقصها التحري و المهنية...
تحدث الناقد الروسي جورج لوكاتش في القرن الماضي عما وصفه ب(الإله الخفي..)  و يعني به الكاتب.. فشخصُ الكاتب ينبغي أن يكون خفيا في حالة نقل الخبر.. ينبغي له أن يغيب أو أن يغيب نفسه, على الأقل, حتى ينقل الخبر..
فإذا كان الصحفي هو مصدر الخبر و هو شاهد العيان و هو صاحب الموقف و هو بطل القصة.. فإن ذلك سيجعل القارئ في حيرة من أمره و سيجعله ينأى عن (البيانات) و المواقف التي يتبناها هذا الناشر أو ذاك...
إنني لأتأسف عندما أجد صحفيا يشهر بأسرة ما أو بشخص ما.. أو يكيل الشتائم لآخر.. و لكنني لا أستغرب ذلك عندما أرى ذلك الصحفي يكيل الصاع صاعين لغريمه.. و كأننا في حلبة صراع بين (جون سينا) مع أحد أبطال المصارعة الحرة التي ما هي سوى فن راق من ( الفوتوشوب)..!
فلا تستغربوا عناوين من هذا القبيل و لا تستغربوا (كلبا عض رجلا) بدلا من ( رجل عض كلبا)...!
                                                                                                                     س.م. متالي.


ليست هناك تعليقات: