... معركة " تكِل" كانت من آخر
المواجهات العسكرية مع الفرنسيين.. و فيها كانت مجموعة من المُسلحين الذين عُرفوا
بالوطنيين يُعارضون استقرار المستعمر في مناطق الشمال الموريتاني.. و ربما كان
تحرك الوطنيين بدعم من العرش المغربي... و هكذا كان " النهضويون" يمثلون
المرجعية السياسية لهذا الهجوم على وحدات الفرنسيين المتمركزين في أطار، عاصمة
الشمال آنذاك...
و يقال
إن النائب المغربي الراحل الشمسدي ادي ولد سيدي باب كان يزود المهاجمين بالمؤن من
مدينة أطار...
و لم تطل
المعركة نظرا للقوة الكبيرة التي استعملها الفرنسيون الذين لم ينسوا بعدُ جراحهم
في وقعة البطحاء التي تكبدوها عن طريق بعثة بلانشي إلى
آدرار سنة 1900 التي نترك سردها
للعلامة الشيخ سعد أبيه في رسالته إلى هرم
السلطة الاستعمارية في سان لويس ... يقول الشيخ سعد أبيه... رحمة الله عليه:
"...ثم خرج بعد ذلك موسي ابلانشي، وسبب خروجه أن إفرانسَ أرسلوا محمد بن
أبي المقداد إلى آدرار يريدون العهد مع أميره أحمد بن سيد أحمد، ويطلبون منه أن
يتعامل
معهم بالتجارة إذا خرجوا من جانب بلاده، فساعدهم في جميع ذلك، ورجع من عنده محمد بما يريد. فلما كان العام الآتي خرج موسي ابلانشي ومعه محمد في خمسين رجلا، وعنده كثير من المال، فأتانا عند اتويزكت ومعه رسل من عند المختار بن عيده التقى معهم عند الكواشيش، وقالوا له: يقول لكم المختار ان أحمد بن سيد أحمد مات، وأنه هو قائم مقامه فيما كان بينكم وبينه من العهد، فلتأتوه يكن لكم ما تحبون. فلما أتونا قلت لهم: ليس الرأي عندي أن تذهبوا إلى آدرار حتى تعلموا هل له أمير موثوق أو لا، لعلمي بحال المختار، فإني لا آمن عليكم من الخديعة والغدر، فالرأي أن تجلسوا عندنا ثماني ليال حتى تعلموا أن أهل آدرار توافقوا على إمارة هذا الرجل. فقبلوا وأرسلوا ابن صمبه نورُ وواحد من إيدوعلي، فأتياهم بكلام طيب من المختار، وأنه سيعرّض لهم ابنه فيؤمنهم حتى يأتوه، ففعلوا فأرسلت معهم ابني الحضرامي، فسار ثلاثة أيام يؤمّنهم بجاهه من لصوص تلك البوادي حتى تعرض لهم أحمد بن المختار الذي قتله أولاد أبي السباع عند موضع يسمى تابرنكوت، فقلوا للحضرامي أن يرجع وذهبوا مع ابن المختار حتى دخلوا أطار، فجعلوه في دار منه، فأتت جماعة المختار إليه وقالوا له: ما حملك على إدخال النصارى بلادنا؟. فقال لهم: إنما فعلت لأظفر بهم وبمالهم، وكان رجلا أبله. فلما سمعتْ الجماعة ذلك قالت فيما بينها: انه لما كان هذا مراده فإننا نسبقه إلى هذه الغنيمة. فاجتمعوا على الغدر دونه. فلما كان ذات يوم خرج ثمانية من قوم موسي ابلانشي يريدون الماء، فما علموا بشيء حتى أحيط بهم فقــُـتلوا، فلما سمع قومهم صوت المدافع خرجوا يقتلون كل من رأوا حتى قتلوا ثمانية أنفس ليس فيهم من أهل السلاح إلا اثنان والباقي زوايا، فرجعوا إلى دارهم فوجدوا ما فيها قد انتـُـهب كله فتحصنوا فيها، وقد جرح يطـْـنـَـه ومحمد سك وقتل ابن صمبه نورُ وجرح عبيد السباعي في يوم بعد هذا اليوم الأول، وقد خدعوهم حتى خرجوا إليهم، فمكث الجميع مدة محصورين في تلك الدار حتى اشتد بهم العطش، فقال من فيهم من السودان: اهدموا لنا هذه الدار ليلا فنخرج منها ونمنع أنفسنا حتى نحتال للسفر إلى بلادنا، فقال موس ابلانشي وصاحباه: نحن لا نستطيع المشي على أقدامنا ولا نخرج، فخرج السودان وتركوهم ومحمد سك فيما لا يليق بمثلهم. فمرت بنا أولائك السودان وأعطيناهم من يدلهم على الطريق وما يحتاجون إليه من القِـرَب وغيرها، فلما بلغوا اطويله التقوا بعير عظيمة من أهل آدرار من الزوايا فقتلوا منهم ثمانية وأفسدوا ما في أيديهم من المال. فلما بلغ الخبر أهل أندر أرسلوا إليّ كتابا وأرسلوا واحدا إلى الشيخ سيديّ في أن نبذل الجهد في استخلاص ابلانشي ومن معه، فركبت إليهم في زمان شديد الحر، فلما أتيتهم وجدت أهل آدرار أجمعوا أنهم إما أن يقتلوهم وإما أن يذهبوا بهم إلى سلطان المغرب، فقلت للمختار انه لابد أن يطلقهم في يدي، فإن ذلك فيه الخير للمسلمين كلهم، وأن دولة افرانسه أحاطت بأقطار البلاد ولا سبيل إلى ما يغيظها، وليس الصواب إلا في مصادقتهم وجبر خواطرهم، فإني جربتهم منذ ثلاثين سنة، فما جربت في عهدهم وصحبتهم إلا الصلاح، فلما سمع الطـُّـلبة والعلماء بما قلت له قالوا له: لا يجوز في الشرع أن تطلقهم، وهذا الرجل الذي جاء ينتصر لهم لا ينبغي إلا قتله، وشنعوا له جدا. فلما علمت ذلك، قلت له أن يجمعني مع هؤلاء العلماء حتى أبين لهم غلطهم وخطأهم، ففعل، فمكثت في مناضلتهم قريبا من شهر حتى بينت لهم في كتبهم وشريعتهم أنه لا يجوز قتلهم لأنهم دخلوا بأمان وعهد، فلا يجوز الغدر في شرعنا، هذا إن فرضنا أن افرنسه لم يقدر أحد أن يعارضهم، وأخرى أنكم إن قتلتم منهم ثلاثة فليس ذلك ينقص عهودهم ولا قوتهم، ويجري الفساد العظيم على جميع المسلمين، فرجعوا كلهم وسلموا إلي ولم يجدوا جوابا، ولكن قالوا انهم يريدون قتلهم في مقابلة قومهم الذين قتلوا عند اطويله، فقلت لهم: إنكم أنتم غدرتموهم أولا وقتلتموهم في أمان، فلما رأى ابلانشي ذلك النزاع أمرني أن أضمن عليه ما يريدون من المال، فصالحهم على ألفين وثمانمائة، وقد سألني كـُماندَ عن قدر هذا المال فذكرت له ألفين ثم تذكرت بعدُ أن معها ثمانمائة، فأمرني المختار أن أعطي محمد سك ألفا وأربعمائة يأخذ منها أربعمائة في دية ابن صمبه نورُ وألف يبيعها له في حوائجه والباقي أرسله أنا له، فتحملت له ذلك، فذهبت بهم بعد جهد جهيد، وقد كان موس ابلانشي في أيام الحصار عليهم أراد أن يفدي نفسه، فبعث إلي كتابا مع رجل من أهل محمد سالم أن أمكـّنه من جميع أمواله التي ترك في دارنا، يأخذ منها ما أراد، يحمله للمختار، فأمسكت عنه جميع كتبه وذخائره التي تخص به، وتركت بينه وبين غير ذلك من السكر واللباس ونحوه، فلما أخذ ما أراد أمسكته حتى كتب لي جميع ما أخذ، وأمسكته مع كتاب موسى ابلانشي وتعريب محمد سك له، والجميع في يدي الآن. ثم إني ذهبت بموسى ابلانشي وقومه، وفي كل ليلة يبيتون في قبة وأبيت أنا وأبنائي وتلامذي نحرسهم إلى الصباح، فما زلنا كذلك إلى أن وصلنا خيامنا، فأرسلت معهم من يدلهم وأعطيتهم ما يحتاجون إليه في سفرهم حتى وصلوا إلى أندر. ثم إني أتيت أندر بعد ذلك فأعطاني شيخ أندر ذلك المال الذي ضمنت لأهل آدرار، ففعلت فيه ما قال المختار، فأعطيت نصفه لمحمد سك، وأمسكت معي الباقي حتى أتاني رجل من أولاد بسباع اسمه مولاي أحمد بن لعويس بكتاب من المختار يريد منه مائتين، ثم أتاني من عنده واحد من أهل الحاج يريد مائتين، ثم أتاني واحد من إدوعلي يريد مائتين، ثم أتاني ابن عبد الله الأزعم السباعي يريد الباقي فدفعته له، وكلهم يأتيني بطابعه وكثير من الشهود. انتهى....."
معهم بالتجارة إذا خرجوا من جانب بلاده، فساعدهم في جميع ذلك، ورجع من عنده محمد بما يريد. فلما كان العام الآتي خرج موسي ابلانشي ومعه محمد في خمسين رجلا، وعنده كثير من المال، فأتانا عند اتويزكت ومعه رسل من عند المختار بن عيده التقى معهم عند الكواشيش، وقالوا له: يقول لكم المختار ان أحمد بن سيد أحمد مات، وأنه هو قائم مقامه فيما كان بينكم وبينه من العهد، فلتأتوه يكن لكم ما تحبون. فلما أتونا قلت لهم: ليس الرأي عندي أن تذهبوا إلى آدرار حتى تعلموا هل له أمير موثوق أو لا، لعلمي بحال المختار، فإني لا آمن عليكم من الخديعة والغدر، فالرأي أن تجلسوا عندنا ثماني ليال حتى تعلموا أن أهل آدرار توافقوا على إمارة هذا الرجل. فقبلوا وأرسلوا ابن صمبه نورُ وواحد من إيدوعلي، فأتياهم بكلام طيب من المختار، وأنه سيعرّض لهم ابنه فيؤمنهم حتى يأتوه، ففعلوا فأرسلت معهم ابني الحضرامي، فسار ثلاثة أيام يؤمّنهم بجاهه من لصوص تلك البوادي حتى تعرض لهم أحمد بن المختار الذي قتله أولاد أبي السباع عند موضع يسمى تابرنكوت، فقلوا للحضرامي أن يرجع وذهبوا مع ابن المختار حتى دخلوا أطار، فجعلوه في دار منه، فأتت جماعة المختار إليه وقالوا له: ما حملك على إدخال النصارى بلادنا؟. فقال لهم: إنما فعلت لأظفر بهم وبمالهم، وكان رجلا أبله. فلما سمعتْ الجماعة ذلك قالت فيما بينها: انه لما كان هذا مراده فإننا نسبقه إلى هذه الغنيمة. فاجتمعوا على الغدر دونه. فلما كان ذات يوم خرج ثمانية من قوم موسي ابلانشي يريدون الماء، فما علموا بشيء حتى أحيط بهم فقــُـتلوا، فلما سمع قومهم صوت المدافع خرجوا يقتلون كل من رأوا حتى قتلوا ثمانية أنفس ليس فيهم من أهل السلاح إلا اثنان والباقي زوايا، فرجعوا إلى دارهم فوجدوا ما فيها قد انتـُـهب كله فتحصنوا فيها، وقد جرح يطـْـنـَـه ومحمد سك وقتل ابن صمبه نورُ وجرح عبيد السباعي في يوم بعد هذا اليوم الأول، وقد خدعوهم حتى خرجوا إليهم، فمكث الجميع مدة محصورين في تلك الدار حتى اشتد بهم العطش، فقال من فيهم من السودان: اهدموا لنا هذه الدار ليلا فنخرج منها ونمنع أنفسنا حتى نحتال للسفر إلى بلادنا، فقال موس ابلانشي وصاحباه: نحن لا نستطيع المشي على أقدامنا ولا نخرج، فخرج السودان وتركوهم ومحمد سك فيما لا يليق بمثلهم. فمرت بنا أولائك السودان وأعطيناهم من يدلهم على الطريق وما يحتاجون إليه من القِـرَب وغيرها، فلما بلغوا اطويله التقوا بعير عظيمة من أهل آدرار من الزوايا فقتلوا منهم ثمانية وأفسدوا ما في أيديهم من المال. فلما بلغ الخبر أهل أندر أرسلوا إليّ كتابا وأرسلوا واحدا إلى الشيخ سيديّ في أن نبذل الجهد في استخلاص ابلانشي ومن معه، فركبت إليهم في زمان شديد الحر، فلما أتيتهم وجدت أهل آدرار أجمعوا أنهم إما أن يقتلوهم وإما أن يذهبوا بهم إلى سلطان المغرب، فقلت للمختار انه لابد أن يطلقهم في يدي، فإن ذلك فيه الخير للمسلمين كلهم، وأن دولة افرانسه أحاطت بأقطار البلاد ولا سبيل إلى ما يغيظها، وليس الصواب إلا في مصادقتهم وجبر خواطرهم، فإني جربتهم منذ ثلاثين سنة، فما جربت في عهدهم وصحبتهم إلا الصلاح، فلما سمع الطـُّـلبة والعلماء بما قلت له قالوا له: لا يجوز في الشرع أن تطلقهم، وهذا الرجل الذي جاء ينتصر لهم لا ينبغي إلا قتله، وشنعوا له جدا. فلما علمت ذلك، قلت له أن يجمعني مع هؤلاء العلماء حتى أبين لهم غلطهم وخطأهم، ففعل، فمكثت في مناضلتهم قريبا من شهر حتى بينت لهم في كتبهم وشريعتهم أنه لا يجوز قتلهم لأنهم دخلوا بأمان وعهد، فلا يجوز الغدر في شرعنا، هذا إن فرضنا أن افرنسه لم يقدر أحد أن يعارضهم، وأخرى أنكم إن قتلتم منهم ثلاثة فليس ذلك ينقص عهودهم ولا قوتهم، ويجري الفساد العظيم على جميع المسلمين، فرجعوا كلهم وسلموا إلي ولم يجدوا جوابا، ولكن قالوا انهم يريدون قتلهم في مقابلة قومهم الذين قتلوا عند اطويله، فقلت لهم: إنكم أنتم غدرتموهم أولا وقتلتموهم في أمان، فلما رأى ابلانشي ذلك النزاع أمرني أن أضمن عليه ما يريدون من المال، فصالحهم على ألفين وثمانمائة، وقد سألني كـُماندَ عن قدر هذا المال فذكرت له ألفين ثم تذكرت بعدُ أن معها ثمانمائة، فأمرني المختار أن أعطي محمد سك ألفا وأربعمائة يأخذ منها أربعمائة في دية ابن صمبه نورُ وألف يبيعها له في حوائجه والباقي أرسله أنا له، فتحملت له ذلك، فذهبت بهم بعد جهد جهيد، وقد كان موس ابلانشي في أيام الحصار عليهم أراد أن يفدي نفسه، فبعث إلي كتابا مع رجل من أهل محمد سالم أن أمكـّنه من جميع أمواله التي ترك في دارنا، يأخذ منها ما أراد، يحمله للمختار، فأمسكت عنه جميع كتبه وذخائره التي تخص به، وتركت بينه وبين غير ذلك من السكر واللباس ونحوه، فلما أخذ ما أراد أمسكته حتى كتب لي جميع ما أخذ، وأمسكته مع كتاب موسى ابلانشي وتعريب محمد سك له، والجميع في يدي الآن. ثم إني ذهبت بموسى ابلانشي وقومه، وفي كل ليلة يبيتون في قبة وأبيت أنا وأبنائي وتلامذي نحرسهم إلى الصباح، فما زلنا كذلك إلى أن وصلنا خيامنا، فأرسلت معهم من يدلهم وأعطيتهم ما يحتاجون إليه في سفرهم حتى وصلوا إلى أندر. ثم إني أتيت أندر بعد ذلك فأعطاني شيخ أندر ذلك المال الذي ضمنت لأهل آدرار، ففعلت فيه ما قال المختار، فأعطيت نصفه لمحمد سك، وأمسكت معي الباقي حتى أتاني رجل من أولاد بسباع اسمه مولاي أحمد بن لعويس بكتاب من المختار يريد منه مائتين، ثم أتاني من عنده واحد من أهل الحاج يريد مائتين، ثم أتاني واحد من إدوعلي يريد مائتين، ثم أتاني ابن عبد الله الأزعم السباعي يريد الباقي فدفعته له، وكلهم يأتيني بطابعه وكثير من الشهود. انتهى....."
يتواصل.....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق