10 مارس 2012

من قصص الأدب الحساني:


أحد مجالس أزوان في إمارة ترارزه.
بعد استشهاد الأمير سيد أحمد ولد أحمد ولد عيده تزوج الفتى التروزي محمد ولد إحميدها من بمبه بنت البندير, أرملة الشهيد, التي كان يقول فيها سيد أحمد:
راص يبمب صرتك     فمنين امعاك اداسر
دنو ينعت من عزتك     ياسر و إدرك ياسر

كان زواج ولد إحميدها من بنت البندير يجعله في موقف يفرض عليه إرضاء أهل آدرار الذين يرونه حل محل أميرهم.. فكانوا يحاولون بشتى الطرق أن يلاحظوا عليه أي نقص مهما كان.. و لكن ولد إحميدها بما أوتي من الشهامة و الفتوة و سعة الباع و الكرم... لم يكن فيه ما يدعو للملاحظة.. فكان يأتي المنطقة لفترة وجيزة ويقضي أياما و هو في ظروف من اللهو و الطرب و صنع المعروف... و لهذا كان من المحطات الهامة عند المطربين الذين يزورون المنطقة من مختلف المناطق..
و في إحدى المرات جاء الرجل و معه بعض فتيان القبلة من بينهم محمد ولد أبنو ولد احميده الشقروي و محمد ولد الصادق الأبييري.. ثم قدم عليهم من تكانت الفنان سدوم ولد آبه... و في المساء بدأت أوتار تيدينيت تكانت تداعب مسامع الفتيان على وقع كؤوس الشاي المدارة فوق فرش مبثوثة من ( الخيط) الأحمر أبدعت الصحراويات في نسجه بأيديهن الصناع.. و على ضوء الذبال المفتل الذي تم استجلابه من المملكة المغربية.. و رائحة الشواء تداعب الأنوف مزاحمة شاي طنجة  و سكر وهران الجزائرية.. و رسل الكوم يزاحم عبيطها و بسر أودية (إظهر) و (الباطن) تفرض المنافسة على حضور كلهم فرح بما لديه.. من (حمر و تيجب و تنومن و تيكدرت) و غيرها من الرطب الشهية.
داعبت المسامع حبال صوتية شجية من مطرب تكانت.. فاهتز الناس طربا حتى لكأن على رؤوسهم الطير... بعد الدور الغنائي الأول و الثاني قال أحد أهل آدرار لسدوم: " جرب فتيان الكبله في شور دانت لنرى كيف يقرضون فيها أزجالهم...".
و من المعروف أن كفان الشور هذا توزن بحرفين.. فردد المطرب الشور.. و ما كاد ينسجم في الإيقاع حتى قال محمد ولد أبنو:
دانت دانت ذل مجعول     إعليها هي دندانت
لخيام ؤهي بل الهول       الهول ألا دانت دانت.
فقال ولد الصادق:
حامد بعد آن للمنان       أل ذان نسمع دانت
فبليده ما فيها شنان        فلهول ؤ لا تشنانت.
فقال ولد إحميدها:
إن تعذر كمت ؤ غزيت    بنك فيك البحه كانت
غير إن ما بانت فلبيت     و النحيه فيها ما بانت.
 و ما كاد الفنان ينهي الكاف الأخير حتى وضع آلته و أخذ ينوه بجمال هذه القطع و يقارنها بقطع أخرى أصيلة في النحيه كان أبدع فيها شعراء تكانت.. مهدها الأصلي..
                                                                                                        س. م. متالي.

ليست هناك تعليقات: