"أنشئت مدرسة سان الويس بمقرر صادر يوم 15 يناير 1908. وكان من حسن حظها أن مديرين أكفاء أداروها في سنواتها الأولى أمثال السيد دستينغ، المدير الحالي لمدرسة مدينة الجزائر، والسيد مانانتي الذي توفي منهمكا في مهمته النبيلة بسان الويس، والسيد سالينك المدير الحالي المتميز.
وقد عرفت مدرسة سان الويس تزايدا ملحوظا في عدد روادها إذ انتقلت من 65 تلميذا في السنة الدراسية 1907-1908 إلى 82 تلميذا في السنة الدراسية 1908-1909، ثم تراجعت إلى 68 تلميذا في السنة الدراسية 1909-1910، لتتراجع إلى 62 تلميذا في السنة الدراسية 1910-1911، ومن ثم تقفز إلى 94 تلميذا في السنة الدراسية 1911-1912، لتصل إلى 111 تلميذا في السنة الدراسية 1912-1913 المعنية بهذا التقرير الصادر والمؤرشف سنة 1914. بل ان المدرسة في هذه السنة (1912-1913) كانت مرغمة، بسبب الزحمة وأمور أخرى، على رفض العديد من التلاميذ الذين تقدموا بطلبات للتسجيل.
في نفس الوقت، فإن روح المدرسة وأساليب المعلمين ومنهجية التعليم الجديد بدأت تؤتي أكلها. ففي بلد مؤسلم بطريقته، حيث لن يذهب الناس للبحث في المجردات الصوفية والماهيات اللاهوتية عن دواعي إيمانهم، أقصيْـنا، بلطف، التعليم الاسلامي العَـقــَـدي ذي الطابع الديني الزائد، وبالتالي أصبحت المدرسة جامعة صغيرة خاصة بالسكان الأصليين للمستعمرات، نقدّم فيها، إلى جانب منهجنا التعليمي الفرنسي، تعليما عاليا في اللغة والأدب العربيين والحضارة الاسلامية، وحتى أننا، منذ سنة، أصبحنا ندرّس اللهجات والقوانين والأعراف المحلية.
مدرسة سان الويس التي أنشئت منذ ست سنوات، لتحل محل مدرسة أبناء الشيوخ، تعتبر اليوم ناجحة ومزدهرة. ففي هذا التقرير السنوي عن السنة الدراسية 1913، نتشرف بتقديم لمحة موجزة عنها.
يتشكل الكادر التعليمي للمدرسة حاليا من المدير المستعرب الموهوب السيد سالينك، ومعلميْن فرنسييْن، وأستاذ عربية من الجزائر، ومعلميْن من سود إفريقيا الغربية الفرنسية.
ويبلغ عدد التلاميذ لهذه السنة 111 تلميذا من ضمنهم 64 من السنة الفارطة و47 جدد. ويتوزع التلاميذ على النحو التالي: 54 في الفصل التمهيدي، 26 في السنة الأولى، 16 في السنة الثانية، 9 في السنة الثالثة، 6 في السنة الرابعة والأخيرة.
وبالنظر إلى الأصول العرقية، فإن عرق الولوف يمثل أغلبية التلاميذ إذ يبلغ 43 تلميذا أي نسبة 39%، يليهم البولار بـ 34 تلميذا أي نسبة 31%، ثم يأتي البيظان بـ 16 تلميذا أي نسبة 15%، يليهم الماندينغ بـ 3 تلاميذ، والبمباره بـ 3، والفلاّن بـ 3، والسرير بـ 1، والسراغولي بـ 1، والليبو بـ 1، والخلاسيين بـ 1. وهنا يجب أن نذكر الأطفال الخمسة الودايين أبناء السلطان دودمراه الذين بعثت بهم دائرة مستعمرة اتشاد الفرنسية.
تلاميذ مدرسة سان الويس راضون عن وضعهم ويجتهدون في التحصيل. ومن بينهم أساسا أبناء زعماء، يصلون 42 تلميذا، وأبناء أشياخ يصلون 18 تلميذا، وأبناء قضاة يصلون 8 تلاميذ، وأبناء مزارعين يصلون 12 تلميذا، وأبناء وسطاء تجاريين يصلون 12 تلميذا، وأبناء حدادين يصلون 5 تلاميذ.
ويعيش تلاميذ المدرسة على المنح الزهيدة التي تدفع لهم، ويثابرون في العمل لدرجة لا يمكن معها أن نقول بأن طلاب الجامعات الفرنسية أكثر انضباطا وتشبثا بالتعليم منهم.
ومن ضمن الـ 94 تلميذا (هي مجموع من شاركوا في الامتحانات)، تجاوز 42 إلى القسم الموالي، ورسب 18، وتم طرد 14 تلميذا مسنين ملتحين ومسببين لزحمة ثقيلة. أما تلاميذ القسم الرابع النهائي فنجحوا كلهم بشهادات تقديرية مشرفة حاصلين بذلك على شهادة ختم الدروس.
وتتكون برامج المدرسة بالنسبة لدروس الفرنسية من: القراءة، الشرح، المحفوظات، المفردات، التاريخ والجغرافيا، النظام الإداري بفرنسا، الحساب، عروض الشعر الفرنسي، العلوم الطبيعية، النظافة، السلوك والتربية.
وبالنسبة للدروس العربية فتتكون من: القراءة، الشرح، المفردات، النحو، عروض الشعر العربي، الشريعة وتفسير القرءان، الترجمة وقراءة المخطوطات.
وفي سابقة، تم تكليف تلميذ من السنة الرابعة (يدعى آمادو آلفا) بتقديم دروس في اللهجة الفلاّنية، علما بأن الولفية يتحدثها الجميع هنا.
وبلغ عدد الممنوحين في هذه السنة 75 تلميذا من السينغال و22 تلميذا من موريتانيا من ضمنهم 16 من البيظان بينهم 2 من أبناء الأمراء. ومن حيث العمر، فإن تلاميذ مدرسة سان الويس تتراوح أعمارهم بين 7 إلى 34 سنة بحيث نجد فروقا شاسعة بين أعمار تلاميذ القسم الواحد، الأمر الذي تجب معالجته مستقبلا برفض تسجيل أي تلميذ مسن إلا لاعتبارات خاصة.
بالنسبة للتغيـّـبات فقد وصلت 6% هذه السنة، بينما بلغت 8% السنة الماضية. أما أكبر فترة سُجلت فيها التغيبات فكانت في شهر مايو بسبب الحمى التي انتشرت عقب حملة التلقيح.
وعلى مستوى الانضباط فلم يلاحظ أي سلوك مشين لأي من التلاميذ باستثناء طالب واحد اتخذ ضده مجلس التأديب قرارا بالشطب على منحته البالغة 15 فرنك كعقوبة له. غير أنه يوجد كسلاء من بين التلاميذ المجتهدين والمتألقين عموما. وقد طلب مجلس التأديب بنقص منحة أحد هؤلاء بسبب عدم المراجعة وغياب الانتباه باستمرار. وعكسا لذلك طلب المجلس زيادة منحة 9 تلاميذ على اجتهادهم ومثابرتهم وسلوكهم.
وعلى المستوى الصحي فلم تشهد هذه السنة معاناة كبيرة بين التلاميذ. فخلال السنة كلها لم يوضع تحت الرعاية الطبية بالمستشفى غير 11 تلميذا من بينهم 6 موريتانيين مصابين بداء الجَـرَب، أما البقية فهم تلاميذ سينغاليون مصابون بالحمى والإسهال والجدري. وقد بقوا أياما معدودة في المستشفى وخرجوا منه بعد أن استرجعوا كامل صحتهم.
فيما نذكر هنا أن تلميذا واحدا من موريتانيا توفي يوم 10 ابريل 1913 بسبب الحمى.
وعموما فإن الـ 111 تلميذا المسجلين في السنة الدراسية 1912-1913، تم الشطب على 13 منهم لدواعي السن والإهمال، وطـُـرد 14 منهم بعد رسوبهم وضعف مستوياتهم، وتخرج 4 منهم بعد النجاح في امتحان السنة النهائية، وبالتالي بقي 80 تلميذا فقط تابعوا مسيرتهم خلال هذه السنة".
ملاحظة:جميع المعلومات الواردة في هذه الزاوية منقولة مباشرة من المصادر الاستعمارية فهي كتابة للتاريخ من زاوية واحدة ومن وجهة نظر الغالب لذا وجب التنبيه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق