14 أغسطس 2011

مرايا قاتمة سجال : اركيز



كان ذلك عند منتصف النهار, عندما بدأ وزير التنمية الريفية يشد أوتار قيثارته ليدخل هذا المقام من (لكتري), و ما كادت الأوتار تنسجم حتى انبرى المطرب الكبير, والي ترارزه  وكالة,  في الغناء بصوته الشجي الرخيم, مرجعا قول الشاعر: أرض القلوب لها كتار أمطار..... فكرر كلمة أمطار حتى صار بعض الحضور يقف ليراه جيدا.
بعد ذلك أخذ الوزير في ترجيع ظهر الشور وهو (دانت), وما كاد يكرر كلماته الأولى حتى أخذ رئيس فرع صونادير على مستوى المقاطعة في الحركات البهلوانية التي اشتهر بها عندما يطرب جيدا....
عمدة اركيز, محمد ولد أحمدوا لم يمهل المطرب كثيرا حتى رماه بكاف من كفان الشور قائلا:
دانت دانت ذل مجعول      إعليه هي دندانت
لخيام ؤ هي بل الهول     الهول ألا دانت دانت....
فصفق الحاضرون وقالوا إن هذا الكاف لوالده و ليس له هو.  فتدخل الوالي لتهدئة الموقف قائلا: و من يشابه أبه فما ظلم....
مما جعل إبراهيم ولد امبارك ولد محمد المختار يخرج عن ظهر الشور مؤقتا, فيعيده الوالي إليه من جديد. عند ذلك جاء الدور على محمد عبد الرحمان ولد لمرابط الذي قال مخاطبا الوزير:
إن تعذر كمت ؤ غزيت       بنك فيك البح كانت
غير إن ما بانت فلبيت       و النحي فيه ما بانت
فقال بعض الحضور إن الكاف مسروق, و قال آخرون إن قوله ما بانت الأولى و ما بانت الثانية توحي بأن ذلك من وزن الأطباء...
فتدخل عبد الله السالم ولد أحمدوا قائلا:
حامد بعدان للمنان     أل ذان نسمع دانت
فبليد ما فيه شنان      فلهول ؤ لا تشنانت
فاحتج البعض على قوله تشنانت لأن الحضور النسوي كان معدوما... فحسم الخلاف بتدخل أحمد ولد بدي الذي أبلغ عنه محمد الحافظ ولد أحمد محمود بكاف جميل يقول فيه:
فخلاك عت إنج لمر    راه تل إعل تكانت
يسو عانت فيه القدر   و سو فيه إيل  معا........نت
فضحك الجمهور من هذه الـتأتأة و لكنهم سامحوا صاحب (لا كاف) لأنه قرئ عنه بالنيابة.
وكان محمد عبد الله ولد التيجاني قد بدأ منذ لحظات يريد التدخل, فأشار الوزير إلى الوالي بأن يعطيه الكلام فقال:
ابلحسن كامل دهر اعل    و ال سيد كط انعانت
ؤ زمكت من ذاك إدوعل     و اسماسيد ؤ تجكانت
فصفق الجميع لهذا الكاف و فسر النائب أنعانت في الكاف على أنها من التعيين....
ولم ينته الضجيج إلا عندما بدأ إمام المسجد في الإنشاد قائلا:
نعرف ليل فيه جين     لمر فيه تاج كانت
عند امجين فرحت بين    و كتن كوم تاك  نانت
فقال الوزير هل توجد تاج هنا؟ فسر له الوالي قائلا: نعم ولكنها تاجكانت.....
و انتهى السجال بالنائب محمد الأمين ولد الشيخ وهو يردد كافه:
نيث ماه هاذ لخبيب      طمعت في من تكانت
ألا هي مثقال الذيب       معادت بيه ؤ لا كانت.......
شفيق البدوي.
  

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

أستاذي شفيق , حمدا لله على أن عادت مراياك قاتمة ما عودتنا , فقتامتها تحمل الكثير من الأدب و الفكر و الطرافة , لقد أصيبت أخيرا مراياك بعدوى الوضوح و الصقل و التنميق , و ذلك ما لا تحتمله ماراياك , فهي نزاعة إلى القتامة و الإلتباس و التخفي لكي تقول الكثير دون أن تسرق انتباهنا و توصل رسائلها في غفلة من الجميع .

أستاذي حافظ على مراياك فهي شفافة و قابلة للكسر , و نحن بحاجة ماسة لها .

دمت مبدعا .