يحكى في هذه الربوع من منطقة دلتا النهر أن الزعيم (كَرفاف)
أو (شرتات) أو (كَابون) أو .. إطار الحزب أزمع يوما مرافقة التمساح, ذلك الحيوان
المشهور بدموعه الكاذبة و المعروف بالشراسة... أراد السفر معه في زيارة يقوم بها
إلى إحدى المناطق القريبة من النهر لغرض البحث عن فريسة.. و من المعلوم أن التمساح
هو الأمير في الرحلة إذ أنه هو الذي يهاجم الفريسة و يأكل منها ما أراد ليترك
البقايا لمرافقه.. فكان من قواعد البروتوكول لدى كرفاف أن يعمل على إرضائه في
الرحلة..
خرج الإثنان معا و بعد عدة أمتار توقف التمساح عن السر
مغضبا و قال لمرافقه: " لا تسر خلفي" فقال له كَرفاف: " لماذا؟ و
أنت القائد الملهم و الدليل الخريت.." فقال له التمساح: " كفى كلاما.. و
نفاقا.. أنا لا أريد من يسير خلفي لأن ذلك قد يهدد ذيلي الطويل فقد يقطعه السائر
خلفي..."
فسمع كَرفاف ذلك المسوغ المقنع و تقدم أمام التمساح, و لكنه
ما كاد يسير عدة خطوات حتى توقف التمساح عن السير مغضبا و قال له: " قف أيها
الأحمق! لا تسر أمامي... فإنك إن سرت أمامي نبهت الفريسة فهربت من وجهي و صرت لا
أجد ما أصطاده.."
عند ذلك إقتنع شرتات بما قاله القائد و تراجع قليلا حتى صار
يسير على جانب التمساح و هو في منتهى التواضع و اللباقة, على غير عادته.. و عند
ذلك توقف التمساح فجأة و قال له: " قف! أيها الأحمق, إن من رآك تسير إلى
جانبي سيظن أننا متساويان في المكانة.. و لن يدرك أنك ترافقني لتأكل من فضلة
طعامي.." .
عند ذلك احتار كَابون و بقي لا يعرف أين يسير من مرافقه...
فبقي واقفا... و بعد فترة اختار أن يسلك طريقا مغايرا لطريق قائده.. بل اختار أن
يسير على اليابسة دائما و يترك للتمساح المناطق المائية و ما يجاورها...
شفيق البدوي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق