10 فبراير 2012

مرايا قاتمة: في لاجئي أزواد..



يحكى في هذه المدينة التي كانت تعرف بالقوارب, نظرا لوجود قوارب العبور فيها, و بروصو, نظرا لكثرة (أهل رؤوسهم) فيها و ب لكويربات نظرا لكثرة اكويرات البائتة في شوارعها ( قطعان الماعز), و بانجربل لكثرة الصيادين المنحدرين
من هذه المدينة السنغالية فيها, و بالصطاره لكثرة ما يتسطر فيها من الكلاب السائبة و الحمر الأهلية التي يظن أهلها أحيانا أنهم ما زالوا في مرحلة ما قبل غزوة خيبر, إلا أنهم بالفعل لا يجيزون نكاح المتعة, و بالمدائن تشبيها لها بمدائن كسرى حيث كانت تعبد النار في الشمال الشرقي منها و ينبعث دخانها القاتل من جانب قصر حمورابي و مصنع الأرز المعروف ب(ول اللله), و ب( حي الصيادين) لكثرة من يقطنها من صيادي المياه العكرة...
يحكى في هذه المدينة, إذن, عن رجل أنه كان يبيع الحطب لأهل ( الدشره ) فكان يخرج من المدينة و يعيث فسادا في الغابات بفأسه لمدة أيام ثم يأتي بذلك الحطب فيبيعه لأصحاب المخابز الذين يقضون الليل و هم ( يخبزون ) شيئا يسمونه الخبز( مجازا ) و هو في الحقيقة ليس سوى عيدان حطب يدسونها تحت جنح الظلام للبائعين فيبيعها هؤلاء للمستهلكين( بفتح اللام) ليهلكوهم بها في وضح النهار...
ذهب الحطاب يوما ( و ليس شارح خليل ) إلى الغابة و هو ينوي أن يحضر كثيرا من الحطب.... فقطع الأشجار حتى جاءت فأسه على (نخلتي لورين) و على (النخلات اللائي يظهرن من بعد على النهر من ثوبان....) و على (المكرعات من نخيل ابن يامن دوين الصفا) مما يلي (احسي لعليات)... و على نخلت ( سد ) التي صارت تعرف بنخلت 7 , و على ( تيشطيات أهل الخراشي.. أمام عيني الراكب القادم من ( انويش ) ظهرا... و المتوجه إلى جنبات لعويجه...) لا تستغربوا ذلك فالرجل لا بد له من أن يخبز كثيرا من التخباز... حتى لم نعد نعرف هل نحن من إفريقيا أو من الأنتاركتيك أو من أوقيانوسيا أو من روسيا أو من مرآب ( بوسكو) ذلك السنغالي الذي كان يضمد جراح السيارات في المدائن ( مدائن لكوارب أو مدائن كسرى)... لا بد لحطاب المدينة من أن يخبز ( تخبيزة ) كبيرة و (كلما زاد حطبها زاد لهيبها).... و لكن الحطاب لم يفكر في أنه قد لا يجد ما يحمل عليه العائدين من ( سكيبه ) و لا العائدين من تيندوف و لا العائدين من ليبيا و لا العائدين من الكوديفوار و لا العائدين من ( الترانكا ) و لا العائدين من سنة 2011 القاحلة و لا العائدين من ارتفاع أسعار الأرز و لا العائدين من ارتفاع أسعار المازوت و لا العائدين من ارتفاع أسعار الأخلاق الفاضلة.... فقطع شجرات أخرى من السرح و الطلح و النبع و الدوم  و و قف ينتظر ...... الطوارق.....
                                                                                                                        شفيق البدوي.

ليست هناك تعليقات: