يا حبذا
سوداءُ ذاتُ ملاحةٍ ــــ في الحُسنِ ليس لها شبيهٌ يوجدُ
لا
تحسبوا ذاك السوادُ يضُرها ـــ فالخبزُ
أسودُ و الخليفةُ أسودُ
بيتان
للعلامة امحمد ولد أحمد يوره ـ و فيهما من طرافته.. حيث جمع فيهما بين الغزل و
الوصف.. فقد ذكر هذه المرأة السوداء التي
وصفها بالملاحة... و هي من الخصال الجسدية التي توصف بها النساء.. و بين أن
ذلك السواد في البشرة لا يضرها.. لأن الخبز أسود.. و الخبز المعني هنا ليس خبز
المخابز.. كما ظن بعضهم.. و إنما هو العصيد.. فقد قل الزرع في تلك السنة و شاع نوع
منه أسود سماه الناس " السويد" و صاروا يصنعون منه عصيدا أسود هو الذي
يقصده الشاعر هنا... و ربط بين ذلك و لون أمير ذلك الزمان و هو المرحوم إعلي بن
محمد لحبيب " 1873 ـ 1886 " .. فقد كان أسود اللون لأن أمه ملكة والو
الأميرة اجمبت امبودج... و هذا الوجه من البديع هو المسمى حسن التعليل... و يكون
فيه الربط بين ظاهرة طبيعية و ظاهرة إنسانية...
و المعنى
في البيتين قريب من معنى قصده امحمد في قوله:
ناكِظ
لفظك حت و إبان~~ لونك عاد أكحل من للوان
و العيش
كحله و البظان ~~ ينكِصهم ذا النوع إغريشَ
غير إنتِ
ما ظر الغيوانْ ~~ عندك من حد ابترييشَ
نكِظان
اللفظَ و النكِظانْ ~~ ؤ لكحال ؤ تكحال العِيشَ..
و قد تكون
في قوله " و الخليفة أسودُ..." تورية فقد وصف النبي، صلى الله عليه
وسلم، أحد الصحابة قائلا إنه هو أسود قومه.. و الأسود هنا من السيادة.. لا من
السواد..
و كان
الأمير إعلي، فعلا، كذلك.. فقد كان سيدا
في قومه.. و قاد الثأر لأخيه سيدي الذي غدر به أخوه أحمد سالم سنة 1871 فكانت بينهما أيام إجله
و ملزم إزريبه و سهوت الما و إيدماتن.. و هو اليوم الذي قتُلت فيه فرس الأمير إعلي
المسماة الحمراء.. و كان من خبر هذه الوقعة أن أبناء فاطمه من أبناء محمد لحبيب
الذين لهم خؤولة في أولاد دمان أرادوا غزو محصر إعلي فاستنجدوا في ذلك بإدوعيش..
فأمدوهم بقوة كبيرة.. و كان مع إعلي صديقه امحمد ولد امحمد شين.. و زوج ذلك امرأة
من أولاد دمان.. فكان هؤلاء لا يحبون إلحاق أذى بصهرهم.. فأرسلوا إلى امحمد بأن
يتخلف عن إعلي.. فلم يجدوه في خيمته.. فبلغوا الرسالة لزوجته.. و لكنها نسيت أن تخبره...
و في اليوم الموالي أراد محصر إعلي الرحيل.. فاعتذر امحمد بأنه ما زال يبحث عن
ضالة.. و لكنه سيلحق به في اليوم الموالي.. فارتحل إعلي.. و في طريقه اصطدم بجيش أحمد
سالم فكانت بينهما وقعة إيدماتن.. و هزمهم إعلي.. و أصيبت فرسه المذكورة.. و هنا
ظن إعلي أن صديقه امحمد كان على علمٍ بنية الأعداء غزوه.. و أنه تخلف لذلك السبب..
مع أن امحمد لم يكن على علمٍ بشيء من ذلك... فلما التحق به.. حدثه إعلي عن الوقعة
و ما كان فيها.. و في المساء خرجا عن المحصر.. فأراه إعلي مكان المعركة.. و توقفا
عند جثة الفرس.. فقال إعلي مُفتخرا:
ي الحمر
رانك وكِفتِ ~~ شانك فمنين اتوحدتِ
صعتِ و
إكتلت و إكِصرت ~~ لعدوك ؤ لينتي حسان
ؤ لا كِط
العاديك الينتي ~~ ؤ لا كِط إطمعتي فلغزيان
ؤ لا كِط
الفظتي و اكذبتي ~~ ؤ لا كِط إغدرتي حد افمان
ي الحمره
لغزي أل جاك~~ حامد للعزيز المنان
خليتيه
إرجيلي يجاك~ ~ فتران ؤ رايح من لعيان
ؤ لا
حظرت فلفتن و أياك زاد أولاد أحمد من دمان...
فعلم ول
امحمد شين أن الأمير يُعرض به.. فقال مخاظبا مُهره:
نشهد
بالله أل بدعَ ~~ فيك الدكِ افعزت تسعَ
خالط
للري و الشبعَ ~~ و امحيط و اسمين ؤ كلشانْ
ؤ لا كِط
إخلكِ يوم البظعَ ~~ ما كرفتكْ وسط الدخان
و الشر
أخبارك بانت فيه ~~ و ألي منها ما بان إبان
ؤ دي
اللسان ألا خليه ~~ عنك ماشي.. دي اللسان... يتواصل...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق