6 مايو 2016

من قصص الأدب الحساني....


كان الأمير الكبير عبد الرحمان ولد بكار ولد إسويد أحمد يتجول ليلة في محلته( الحله) من أجل معرفة أحوال أهلها و حل ما يعرض من مشاكل بها.. و بينما هو كذلك إذ سمع صوت مجلس طرب ليلي يجتمع فيه بعض شباب المحلة و هو ما كان يعرف ب ( الشنه) في تلك المنطقة و مناطق أخرى من البلاد...
و تكون الشنه, في العادة, مجلس طرب لبعض الهواة كثيرا ما يكونون في مرحلة عُمُرية متساوية أو متقاربة.. أو من جيل واحد , على الأقل.. و لا يفترض أن يكون أهلها من أهل الطرب في الأصل.. و إنما يكونون, في الغالب, من الهواة..
و تتميز الشنه بأنها مجلس يجمع بين الجنسين في سكينة و هدوء تامين.. بعيدا عن كل ريبة.. فيكون دور النساء ترديد الأغاني.. و دور الرجال في قرض الأشعار في ما يعرف ب( أشوار الشنه) التي تتميز بالبساطة و التطريب...
يتبارى الشباب في قرض الشعر و تتبارى النساء في ترديد الأشوار بطريقة عفوية و مألوفة لدى هذا الجمع البريء...
وقف الأمير (ادان).. هكذا كان يُكنى في مجتمعه..
وقف غير بعيد من الجلسة دون أن يشعروا به تحت جنح الظلام.. و كانوا يرددون شور ( الماح).. و اهتز الأمير طربا لهذا الوقع الذي ألفه في شبابه.. و غناه له المطربون في كِبره.. هذا الشور الذي قال فيه الشعراء أشعارا جميلة كادت تستوفي قوافيه.. و كان انتباهه مشدودا إلى ما سيقوله الشباب من إبداع جديد في ( الماح).. و فجأة سمع أحدهم يلقي كلمات (كَاف) وسط صخب من الحضور.. أنصت الأمير جيدا للشاب حتى قال:
" همي فلكَارب كنت انجيب____________ للريم إصريع أخظر من راح
البارح و افتيله  و اخريب______________ ؤ عاكَبها يوكلن بطاح.."
فلم يتمالك ادان و نادى الشاب من بعيد قائلا:" مُر! ما قلته في البداية رائع.. و لكن بدلا من الشطر الأخير.. ما يلي.. و صوب له الكَاف على هذه على هذا النحو:
" همي فلكارب كنت إنجيب___________ للريم إصريع أخظر من راح
   البارح و افتيله و اخريب___________ و ابيش امن السمك ؤ سراح.."
و منذ تلك الليلة أصبح المطربون يروون هذا الكَاف بالطريقة التي صوبه بها الأمير عبد الرحمان ولد إسويد أحمد_ رحمة الله عليه..
                                                          س. م. متالي..







ليست هناك تعليقات: