1 مايو 2016

مرايا قاتمة.... خطامو الواد...

جمعني هذا الأسبوع سمر مع بعض الأصدقاء, تجاذبنا فيه أطراف الحديث حتى توقفنا عند قصص طريفة من أحاديث الكذابين أو ( خطامي الواد), كما يروق لبعضهم تسميتهم..
تحدثنا عن هؤلاء القصاصين الذين يروون بعض القصص هم تارة أبطالها و تارة حضروها.. و كثيرا ما يشهِدون عليها بعض الغائبين أو بعض الحضور الذين يعلمون أنهم سيتحرجون من تكذيبهم في الملإ...
تحدثنا عن قصة الرجل الذي جلس في جمع من قومه و قال لهم: " لقد رأيت بالأمس 100 سبع عند الأضاة كذا.. و كلها قد بلغ سنا متقدمة.. و فيه من الشراسة و الفتك ما لا يمكن تصوره..!" فقال له بعض الحاضرين: " ألا ترى أن 100 أسد عدد كبير؟!" فرد عليه: " نعم ذلك عدد كبير و لكنها على الأقل 60  أسدا.."
فقال له آخر إن ال60  أيضا عدد كبير.. فرد عليه.. نعم إنها 20 .. فقال له آخر.. ال 20 أيضا عدد مبالغ فيه..ألا ترى أنها عشرة فقط.. فقال نعم.. عشرة.. فقال أحد الحاضرين: " عرفت هذه الأضاة قديما.. و لم أر بجانبها من الحيوانات المفترسة قط إلا دبا.. فلعل الذي رأيته مجموعة من الدببة.." فقال: " نعم.. أصبت... إنها مجموعة من الدببة.."
فقال متحدث آخر: " إن سنوات الجفاف الأخيرة جعلت هذه الدببة تهاجر عن بلادنا.. فلم تعد ترى هنا إلا نادرا.. فلعل ما رأيته مجموعة من الذئاب.." فقال: " نعم إنها مجموعة من الذئاب.." فقال متحدث أخير: " كنت قد رأيت في ذلك المكان ذئبا واحدا و أظنه أعور... فقال الرجل:" صدقت و الله, إن الذي رأيته أنا ذئب أعور... ! 
فضحك القوم من رجوع 100 أسد إلى ... ذئب أعور....
و يتحدث خطام واد آخر يقول: " ركبت أنا و فلان و فلان على جمال صباحا من عند بئر إطويله.. و حثثنا المسير حتى وصلنا ضحى إلى أم التونسي.. فإذا نحن أمام نقطة تفتيش تابعة للدرك الوطني.. فقال لي الدركي الذي كدت أصطدم به: " أين أوراق السيارة؟ فقلت له السيارة ليست لها أوراق..! فقال لي: أين رخصة السياقة؟ فقلت له إني نسيتها.. فقال لي: " أوقف المحرك و أعطني المفاتيح.." عند ذلك فكرت قليلا.. و ضربته على الوجه.. فطار رأسه و وقع على شجرة بجانب مكتب التفتيش...! فسأله أحد الحضور: " يبدو أن هذا الدركي الذي وجدته قابل للتفكيك..( دمونتابل)! فقال له نعم.. هو كذلك...
و سئل أحدهم متى علمت بانقلاب صالح بن حننا.. فقال كنت ذلك الصباح عائدا من إحدى المدن الداخلية و عندما وصلت حي تنويش إذا أنا ب60 عقيدا يزحفون على بطونهم.. فقلت.. لقد فعلها صالح بن حننا.. فقال لي رفيقي: " و ما ذا فعل؟ فقلت حاول انقلابا على ولد الطايع و لكنه سيفشل!
و تحدث أحد السائقين قال: " كنت في العاصمة السنغالية دكار, و كنا جماعة نشرب الشاي في منزل السفير الموريتاني و فجأة دخل عليها فرنسي قادم للتو من باريس.. و لم ير إفريقيا قبل ذلك اليوم.. فقال لي: " يا فلان خذ المفاتيح و ابحث لي عن شيء من النعناع.. فأنا لم أتعود شرب الشاي بدون نعناع.."  فأخذت المفاتيح و فتحت باب السيارة و أدرت المحرك.. فقالت لي السيارة:" مرحبا بك على متن السيارة من نوع كذا في العاصمة السنغالية و المتوجهة إلى ( كَران دكار) للبحث عن النعناع.. فسأله أحد الحاضرين.. و هل خاطبتك بالحسانية..؟  فرد عليه السائق: " أنت أبله.. إنها تتحدث بثلاثين لغة..!
و تابع قائلا.. أدخلت السرعة الأولى و الثانية و الثالثة و الرابعة و الخامسة و السادسة و السابعة..و عندما وصلت السرعة الثامنة.. قالت لي:" المنعرج الذي هو أمامك فيه عجوز زنجية تحمل طفلا صغيرا إحذر أن تصطدم بها.. فلم أعبأ بها.. فوقفت فجأة و أقسمت ألا تتحرك من مكانها حتى تمرَ العجوز....!
و حدث أحدهم قال.. " ضلت لنا نوق في نواكشوط.. فخرجت ليلا مع أحد الأقارب بحثا عنها.. و عندما تجاوزنا تنويش تركنا السيارة و أخذنا نتسلق الكثبان علَنا نجد علامة للنوق.. و تقدمتُ الرجل قليلا فإذا أنا بحفرة فيها 800 ذئب.. فقال له بعضهم.. هل عددتها: قال نعم..إنها كذلك.. فقال له.. " لو كنت امرأة لنافسنا بك زرقاء اليمامة.. التي تحدث عنها النابغة الذبياني في معلقته.. عند قوله:
أحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت              إلى حمام كثير وارد الثمد
يحفه جانبا نيق و تتبعه                    مثل الزجاجة لم تكحل من الرمد
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا             إلى حمامتنا و نصفه فقد
فحسَبوه فألفوه كما ذكرت          ستا و ستين.. لم تنقص و لم تزد..
فكملت مائة فيها حمامتها            و أسرعت حسبة في ذلك البلد...
و العملية الحسابية بسيطة: 66 + 33 = 99 + 1 = 100
فرد عليه الخطَام.. هذا يبرهن على صحة ما قلته لك..!

                                                                شفيق البدوي..  

ليست هناك تعليقات: